الجمعة، 16 يونيو 2017

اكتمال القصيدة الناقصة في هواء العائلة، أو رحيل شريف رزق

اكتمال القصيدة الناقصة في هواء العائلة، أو رحيل شريف رزق

هناك قصيدة ناقصة في مجموعة الشاعر المصري شريف رزق الذي غادرنا قبل أيام بنزيف في المخ، قصيدة مؤلمة ومليئة بالموت تشبه باقي القصائد في المجموعة لكن كالقصيدة لا بد منها، جذرية تماما وتتحدث عن الأب والأم والأخ الذي مات في الجيش والأخت المدفونة في طاقة الجدار (ابنة الموت) والجدة الحنونة التي تسهر قرب حفيدها الذي يذاكر، قصيدة لديها نفس السؤال المركزي: أين شريف؟ (معك حق تماماً يا أبي/ أين شريف؟)


هي القصيدة المتبقية المشروحة بكل قصائد مجموعة هواء العائلة، حيث سيتفاجأ بها القارئ وهو يعاود الآن قراءة مجموعة هواء العائلة، بقصيدة جديدة لم يقرأها من قبل، وها هي حاضرة الآن بدقة كلماتها ووصفها الغيبي الدقيق لما حدث، أليس عجيباً كيف ان الشاعر يكتب موته داخل قصائد حياته، ككثير من الراحلين الذين يتركون إشارات غير مفهومة إلا بموتهم، هكذا كتب شريف رزق تلك القصيدة المؤلمة بلا وعيه، حد الصدق، وتركها واضحة وناصعة وصقيلة هناك في هواء العائلة والآن بعد وفاته بنزيف المخ يمكن رؤيتها بوضوح، ظهر النص كالمرآة المنتصبة مقابل ديوان هواء العائلة، والتي لم تكن موجودة من قبل لكن ها هي الآن بكل وضوح كلماتها التي يمكن رؤية انعكاسها الضوئي  لكن لا يمكن الامساك بكلماتها ومقاطعتها، يمكن الإحساس بشعريتها الحادة النازفة ولمس دمها الذي يسيل ويحاصر القارئ بالموت، ذلك لأنه حقاً لا يمكن فهم الحياة دون الموت، كما لا يمكن فهم الموت دون الحياة.
 تنتصب قصيدة الموت، موت الشاعر الذي يجعل من موته رمزاً وكلمة تنكشف لقارئ شعره، قصيدة هي نفسها لحظة النهاية تقرؤها عيون القلب المفجوعة وهي ترى في فجيعتها وألمها شكلاً شعرياً، هيئة قصيدة، ظلاً ما او اضاءة طفيفة حول الشاعر، نوعاً من فن شعري جديد غير مقارب بعد.
في الصور المرفقة محاولات لالتقاط صورة المرآة، هل يمكن ذلك ؟! هي محاولة قبض الانعكاس القادم من مرآة تلك القصيدة الناقصة، عبر تصوير الجسد المنعكس في المرآة، فيها يمكن للقارئ الناظر ان يلمح هالة وداع تحيط بالنجم الذي غادرنا بعد أن صب روحه في الكلمات.. 
شريف رزق .. وداعاً..













.