الجمعة، 6 أكتوبر 2017

مجاراة أحمد شوقي

مجاراة أمير الشعراء
أحمد شوقي 

توفي ١٤ أكتوبر ١٩٣٢م


(إِلام الخُلفُ بينكمُ إلاما) ألم تشبع نفوسكمُ انقساما/ وإن فضلتم طبعَ التعادي فدونكم الحصاد كما ترامى/ تحرّقتِ (البلادُ ومن عليها فوجه الأرض) ممتلئٌ سخاما/ بكلِّ دُويلةٍ فتنٌ تتالت تفتتها انكساراً وانهزاما(ملأنا البرّ حتى ضاق عنّا) وأشعلنا عداوتنا ضراما/ ينامُ عدوّنا أمناً ويخشى أخونا غدرنا إن كان ناما/ حكمنا بعضنا قهراً وظُلما وشتتنا أهالينا انتقاما/ ولم يصلُح لنا في الأمرِ شأنٌ فحطمنا الصروحَ بمن أقاما/ نقودُ بلادنا حرباً فحرباً وموتاً يحتسي الأرواح جاما/ مصائبُ ضجّتِ الأفلاكُ منها تُشيبُ لِهَولها منّا الغلاما/ كأن الغدرَ أخلاقٌ تواصى عليها أهلنا يمناً وشاما/ كأن البُغضَ والشحناء فينا مواريثٌ ورثناها التزاما/ نُوزّع وُدّنا شرقاً وغرباً ونمنع عن قرابتنا السلاما/ وجيرتنا بنا أولى صفاءاً نخص به عدوّينا ازدحاما/ وقد شمتت بنا الأجناسُ حتى تَنزّهُ ما تقومُ لنا احتراما/ إذا ما حلَّ خطبٌ في بلادٍ تُهمنا أولَ الناس اتهاما/ وشبت بيننا حُرُبٌ ضِراسٌ تُساقط شُمَّنا هاماً فهاما/ تُوزِّعُ في أراضينا أذاها وتتركها إذا بقيت حُطاما/ تفنّنت الدواهي في بِلاها انقطاعاً وانهزاماً وانصراما/ ملأنا من شبيبتنا سجوناً وخلفنا ذرارينا أيامى/ إذا قامت لنا دولٌ نُباهي بزهرتها هدمناها انهداما/ دعوا عنكم نفوساً من صغارٍ فإن عظائمَ الأهوال قاما/ إذا استغنيتم كُنتُم فساداً وإن أعدمتمُ صرتم طغاما/ طغى وحلُ الصدور بما كسبتم بغِلٍّ آدَ حتى جاش طاما/ ألا أهديكم حقاً قويماً يطهّر أنفساً كسبت أثاما/ دعوا الشحناء والبغضاء فيكم تموت وأبدلوا عنها السلاما/ دعوا ضيق النفوس فقد ملأتم صحائفكم من السخف الملاما/ وزكوا فعلكم قلباً وقولاً وخَلّو الخير بينكم إماما/ تواصَوا بالتراحم والتراضي وكونوا عروةً وثقى زماما/ وبالإحسان والحُسنى استقيموا أكارم في محبتهم كراما/ ألا اعتصموا بحبل الله حقاً وكونوا إخوة ولدوا وئاما/ إذا اتحدت قلوبكم بلغتم عرى الحق القويم غداة قاما..