الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

قصة أمل

قصة أمل..

مراجعة كتاب: قصاصات ومواقف من حياة أخصائية إجتماعية
المؤلفة: هدى الحجرية
الناشر: دار الغشام ٢٠١٧م
عدد الصفحات: ٤٦ صفحة

الوصف:
كتاب صغير من القطع المتوسط لا تتجاوز صفحاته ٤٦ صفحة، يحتوي مقالات قصيرة عن تجربة الأخصائي الإجتماعي، تتناول فيه المؤلفة تجربتها في العمل كأخصائية إجتماعية في المدارس، حيث يتعرف القارئ على بيئة العمل، والمشاكل التي تواجه الطلاب، ونوعها وكما جاء في العنوان فإن الكتاب يتكون من جزئين الجزء الأول قصاصات يتحدث حول تجربة العمل نفسها وما يواجه الأخصائي/ة في المدرسة ومشاكل الطلبة التي تبحث عن حلول، والجزء الثاني من الكتاب عبارة عن مواقف، بعضها مؤثر جداً، خاصة قصة أمل، والتي أهدتها المؤلفة هذا العمل في الصفحات الأولى من الكتاب.
هذا الكتاب يضع تحت الضوء جزءاً من حياتنا والتغيرات الجديدة وأساليب التربية المختلفة التي تتطلبها المرحلة الراهنة، وإن لم تلتفت المؤلفة أكثر لعرض أفكارها حول التربية، لكنها قدمت تنبيهات للمختصين والتربويين عموماً وخاصة المعلمين وأولياء الأمور عن بعض الأشياء التي قد تغيب عن انتباههم في أساليب التربية، والحكمة المطلوبة في التعاطي مع صغار السن. والكتاب يتوجه للمعلمي ن/ات والأخصائي ين/ات وأعضاء الهيئة التعليمية عموماً ويهمهم الاطلاع عليه بالدرجة الأولى.

الإنطباع الشخصي:
الكتاب جديد من نوعه في عمان ربما بشكل عام، فلم أطلع على كتب شبيهة متوجهة لجمهور القراء، وخلف تلك الجدة تكمن أهمية الاقتراب من الحياة المعاصرة من زاوية الأخصائية الإجتماعية التي يتيح لها عملها التعرف على مشاكل الطلاب والطالبات وصغار السن والتأثيرات المختلفة للحداثة على المجتمع العام والمجتمع المدرسي بشكل خاص، كما أعجبني كم الترابط والعمل المشترك بين أعضاء الهيئة التدريسية وروح الفريق التي تسود المدرسة وإدراك التحديات الإجتماعية وغيرها، والوقوف على حماقات البيروقراطية وأمراضها المزمنة التي تقف عاجزة حل المشاكل البسيطة فقط لأنها خارجة عن منظومة قوانينها، 

قصة أمل:
إن قصة أمل التي يشرحها الكتاب، وهي الإبنة الصغيرة التي لم تتجاوز صفوف الدراسة الأولى، والتي حرمت من الأوراق الثبوتية التي تؤهلها للحصول على إعانة إجتماعية بموجب القانون، لأنها بغير أب معروف، ولأن المنظومة الإدارية لا تملك حلولاً لمثل هذه الحالات في الوقت الراهن، فإن أمل وإخوتها، وأمثالهم كثر، تركوا في وضعهم الخطر الذي يتهددهم كل يوم بالإنحراف بل وحتى الموت، وهو ما حدث لأمل التي توفيت في حادث سير حيث صدمتها سيارة وهي ذاهبة لإحضار وجبة عشاء لإخوتها، في بيئة من انعدام مسئولية الوالدين، لكن المسئول التالي عن مثل حالة أمل، وهو وزارة الشؤون الإجتماعية، ظل يصم الآذان عن حالتها وحالة أمثالها حتى فارقت روحها الحياة.. وربما نسيها الجميع الآن ونسي حالتها فيما: 

رسائل استجداء لأصحاب القرار كان مصيرها الأدراج، عاشت (أمل) وماتت كأنها شيءٌ ليست له أي قيمة في الحياة.
ما زال أخوها معنا يكتم دموعه عندما يرى مقعدها خالياً (في الصف) ..بعد رحيلها سمعنا أنه ظهر الأب، لم يعد يهم، فمن كانت بحاجة إليه قد رحلت، ولكن يبقى مصير الأخوة معلقاً بيدِ ربٍّ رحيم، فلا يزال الوضع كما كان عليه، والأم مستمرة في زيادة العدد. ص٤١

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016

الإسم مجدداً.. بيان شخصي

بيان شخصي حول الإسم

لوحة الخطاط مسعد خضير البورسعيدي

جرى تنبيهي مؤخراً من أخوة كرام أفاضل إلى الخطأ اللغوي الذي أرتكبه باستمرار، وذلك في مسألة مركزية شخصياً هي الإسم، أو الإسم الأدبي كما يطلق عليه، وبالتفكير في كلامهم وجدته صحيحاً وكان علي أن أتبع الصواب ما دمت عرفته.
تتلخص المسألة في أن الأسماء في اللغة العربية لها قاعدة لا تتفق مع ما درجت عليه العادة الصحفية الشائعة مؤخرا: فلان فلان، ولا أدري بالتأكيد إن كانت عادة مستجلبة من اللغات الأوروبية التي درجت العادة فيها على ذلك في الأسماء الأوروبية، أما في الأسماء العربية فإن القاعدة هي : فلان/ة (بن، ابن، بنت، ابنة) فلان، وهي قاعدة قديمة، وقمنا نحن المعاصرين بإسقاط البنوة، ولا أدري لماذا بالضبط، ويمكن التخمين بالنزعات النفسية هنا، وهي في كل حال مسألة لم أفكر فيها في حينها، ولعلها نوع من سم الأسماء كما كتبنا مرة.

وليكن اسمي مثالاً (إبراهيم سعيد) والذي يبدو وفق قواعد اللغة العربية بهذا الشكل جملة إسمية من مبتدأ وخبر، يكون فيها الإسم مبتدأ والذي يليه خبراً لهُ، هكذا نلاحظ في نطقنا لمثل هذه الأسماء أننا نُسكِّن آخره ولا نُعربه، ولو أعربناه لرفعنا الاسمين كما في الجُمل الإسمية، وفي الحقيقة ليس مراد الجملة الإخبار عن حال المبتدأ، أنه سعيد كما في المثال، بل التعريف، ولذلك نلاحظ الفرق حين نضع (بن) بينهما: (إبراهيم بن سعيد) سواءً من ناحية الإعراب والتشكيل أو من ناحية ضبط المعنى المراد.
بل وحتى في الدارجة نجد الأسماء مفصولة ومعطوفة بين اسم الابن/ة والأب ب(ولد، ود، د، بن، ب، بنت، بت، ت) تأكيداً على التزامها بنفس القاعدة اللغوية. 
وإني أذكر هنا أن الروائي الراحل علي المعمري كان قد اخبرني مرة برغبته لو يكتب اسمه: علي بهلال وكان ضرب مثلاً بالمغاربة الذين يدرج معهم الصاق (بنـ) باسم الأب ليظهر كاسم واحد كما نجدها في اسماء بنشقرون، بنشمسي، بنجلون، بنكراد، بنميلود مثلاً، وللإضافة يبدو أن ارتباط المغاربة بالتسمية بالإبن أقدم من ذلك ولها جذورها الأندلسية المغاربية كما نجدها في أسماء أقدم مثل: ابن زيدون، ابن حزم، ابن رشد، ابن عربي، ابن الخطيب، ابن عمار ..الخ

هكذا يبدو أن علي أن أشرب مجدداً هذا الشراب وأن أعدل اسمي مجدداً ليتوافق هذه المرة مع قواعد اللغة.

أنقل هذا هنا للفائدة العامة وقد لاحظت مؤخراً كثرة الأسماء العمانية التي تنهج هذا النهج فأحببت إطلاعكم على ما لم أنتبه له من قبل، وللجميع مطلق الحرية في تبني ما يشاؤونه من صيغ، وقد درج في اللغة الصحفية خاصة وشاع استخدام الأسماء بلا (بنوة) باعتبار دلالات أخرى ورموز تكفي من وجهة نظر أخرى للتعريف والتمييز، وإني أحترم ذلك، وكنت أمارسه لكن بدون وعي، واليوم أميل للاستماع شاكراً للنصيحة التي أسديت لي واتباعها، مهما يكن الأمر، وإني أشكر من أهدى إليَّ عيوبي.. معتذراً في الوقت نفسه عن كل سوء فهم سببته بغير قصد..

إبراهيم بن سعيد