السبت، 20 مايو 2017

سُمية

 سُميّة

مصافحتها الهَشّة
ترسمُ رقة الوجود
جسدها النحيل
طيفُ رحمة.

زهرةٌ ناحلة
زارت العالم
لتنثر ابتسامات السلام.

صامتة
لغتها الإشارة
لغة القداسة
والطبيعة.

كالحلم الخفيّ
بذرت الرحمة
بأفئدة الناس.

نور الفجر
قطف الزهرة السماوية
من حديقة الحياة.

طير نورٍ جديد 
يحلق حُرّاً
في جنة القدوس.

٢٠-٥- ٢٠١٧م

الجمعة، 19 مايو 2017

غير خليقٍ بروح الكون، كل مسعىً فاتر. هولدرلن بالعربية

(غيرُ خليقٍ بروح الكون، كل مسعىً فاتر)
هولدرلِن بالعربية
 تشريف هولدرلن. للسويسري بول كامنِش

أخيراً أشعر أنني قرأت فعلاً روح هولدرلن الشعرية ووصلتني عبر الترجمة التي أنجزها أمارجي (رامي يونس) والصادرة عن دار التكوين ٢٠١٦، فالترجمات السابقة، رغم الجهد المبذول فيها، تشبه ما يقوله هولدرلن
لماذا إذاً أحببتموني أكثر/ حين كنت أشدُّ هياجاً وزهوّاً حين كنت مترعاً/ أكثر بالكلمات، وإنما أكثر خواءاً. ص١٦

الأمر الوحيد الذي شعرت أنه يعيب هذه الترجمة هو الأسلوب اللغوي، فيبدو استعراضياً أحياناً باختياراته للمفردة، لكن مع ذلك يمكن لمس شعر هولدرلن وهو يتدفق مضيئاً ببساطة متناهية يلمسُ حواف الوجود المنيرة بكلماته
ثمة داخلنا إلهٌ خفي، هو من يحكمنا.

في هذا الكتيب الصغير يمكن التعرف على شعر هولدرلن، ذلك الذي شغف هايدجر وباشلار، هكذا يمكننا أن نقرأ بوضوح وصيته للشعراء الشباب
إرأفوا بالفانين، ولكن أحبوا الآلهة أيضاً/ استكرهوا السكرةَ كما يُستكره الصقيع! لا تَعِظوا ولا تَصِفوا/ فإذا خفتم من معلميكم جلفاً/ التمسوا النصح من الطبيعة العظيمة. ص٢٥
للشاعر عين صافية تمكنهُ من التمييز بين الفاني والجوهري:
(الذين لا يعبؤون إلا بما هو فانٍ، ينتهون في التراب/ لكن تجاه النور، نحو روح الكون الخالص/ يصعد المؤمنون بالحب الجوهري، بالروح الإلهي. أولئك بالصبر والأمل/ بالصمت، يقهرون آلهة القدر) ص٢٧

شعر هولدرلن ينتصب هنا صافياً أكثر، يمكن رؤية النهر الذي تدفق في قلب الشاعر: (أتستخبر عنهم؟ القصيدة مهبُّ أفكارهم) إنها مياهٌ الشعر الصافية
هم هجس الفكر المشاع المطلق/ إذ يصب بهدوء في عقل الشاعر/ الذي لبعد عهده باللامتناهي/ سرعان ما يختلج مصعوقاً بالذاكرة/ ومنهُ وهو المحترقُ بالإلهيّ/ تتولد الأغنية- الثمرة الملقحة حُباً/ سفر الآلهة والإنسان/ شاهدة على الإثنين. ص٥٣

يظهر الشاعر في شعر هولدرلن رائياً وكذلك القصيدة التي هي عمل الشعراء

يكون لزاماً علينا، نحن الشعراء/ أن نقف/ حاسري الرؤوس تحت زوابع الإله/ قابضين بأيدينا/ على شعاع الآب نفسه/ كيما نهَبَ نحلة السماء/ ملفوفةً في قصيدةٍ لزمرة البشر. ص٥٤

(يلبثُ الشعراء تحت الطقس المواتي. هم الذين لا مولى لهم إلا الطبيعة) ص٥١

صورة الشعراء تتضح أكثر فأكثر: (لا يخيفنكم الشاعر الغاضب في غضبته النبيلة/ حرفه يقتل ولكن روحه تحيي الأرواح) ص٣٥

إنها رؤية الشاعر لعمله ودوره في الحياة وبالتالي للحياة والفن فيها:
تعلم الفن من الحياة، وتعلم الحياة من الفن/ فإن أصبت في رؤية أحدهما، أصبت في رؤية الآخر. ٣٤

حتى العبارة الأثيرة للإقتباسات عن هولدرلن تبدو صافية وفي موقعها تماماً
البحرُ يهبُ الذكرى وينهبُها/ والحبُّ بالمثل يُعشِّقُ العيونَ بالعيون/ أما ما يدوم فيؤسسهُ الشعراء. ص٩٩

استمتعتُ كثيراً بهذه الترجمة واغتبطت كثيراً باللمعات الشعرية على نهر الكلمات، تلك الأغوار العميقة التي يجعلنا الشعر نلمسها، وتلك الرؤية التي يهبها لنا القصيد ببلوغ القصد. أو كما يلفت هولدرلِن انتباهنا:

بمقدور الحكيم العارف أن يوضح الكثير، لكن/ حيث يظهر إلهٌ/ يكون للوضوح معنى آخر. ص٧٠

متعة قرائية للشعر الحقيقي تبصرنا بمكاننا من جذر الوجود، نلمس أعصاب الكون، ونرى المدى الفسيح الممتد بلا نهاية أمام عين الحياة اليقظة.

غلاف الكتاب