الجمعة، 4 نوفمبر 2011

الحب آنا كارنينا، تولستوي

من يتغنون صباح مساء بالحب، الحب كما يشرحه تولستوي في آنا كارنينا، حيث تمثل آنا الإيمان التام المطلق بضرورة الحب، دون أدنى ذرة تردد تتبعه إلى نهاية السكة الحديدية،

  
من وجهة نظر قارئ فإن ما يحاول تولستوي بيانه في آنا كارنينا هو أن الحب احتياج وجودي لا يملك أمام مساحته إلا الإمتثال طوعاً، وليست آنا هي العاشقة الوحيدة في آنا كارنينا، لكنها المثال، وفي الخلفية يتوارى ليفين. ليفين الذي يعتقد كثير من النقاد أنه يمثل تولستوي نفسه، ولديهم الكثير من الحق

في الطي أن فرونسكي يبدو دائماً غير لائق بآنا كارنينا، بعيد تماماً عن روحها، دائما ما شعرت أن ليفين هو الخيار المناسب لآنا، لكن آنا لا تلتقي مصائرها بليفين إلا في الختام

أعاد تولستوي كتابة بداية آنا كارنينا 11 مرة، وفي إجابة على سؤال ماذا أردت أن تقول بروايتك هذه قال تولستوي (إذا أردت أن أقول بالكلمات، كل ما أردت قوله في الرواية فعلي أن أكتب الرواية نفسها من جديد)
  الزمن الصفحة 328 يرى ليفين لوحة لآنا رسمها ميخايلوف، استرعت انتباهه، الصورة كأنما تريد أن تخرج من إطارها، لقد نسي أين كان، لم تكن الصورة لوحة وإنما امرأة فاتنة وحية، وفجأة سمع بجانبه: أنا جد سعيدة. كان هذا الصوت هو صوت المرأة التي في اللوحة..

(كانت كل كلمة مع آنا لها معناها، كان الكلام معها ممتعاً، وأشد إمتاعاً منه الاستماع إليها، لم تكن آنا تعبر عن ذاتها ببساطة وذكاء فحسب، بل انها لم تكن تنزع في حديثها إلى التباهي ولم تكن تنسب لأفكارها أدنى قيمة. لقد كانت تمحي أمام محدثها)ص 385
(رثى لها وخشي أن لا يفهمها فرونسكي فهما كاملاً)ص 389 هذه هي العبارة المحورية التي بنيت عليها التعليق الثاني أعلاه حول ملائمة ليفين لآنا أكثر من فرونسكي. ليفين يشعر أكثر بقيمتها ويخاف أن يجهل تلك القيمة من وهبت لأجله حياتها: فرونسكي الضابط العسكري
(وإذا مت سوف يندم، وسوف يبكيني، وسوف يحبني، وسوف يتألم بسببي) آنا كارنينا ص 452
نحن جميعاً خلقنا لنتألم، ونحن نعلم ونسعى الى كتمان ذلك عن أنفسنا، لكن متى رأينا الحقيقة فماذا يجب أن نفعل؟) آنا 483
(اغفر لي يا الهي كل شيء) التمع النور الذي أضاء لها كتاب الحياة بحسراته وخياناته وهمومه، التمع ببريق وهاج لم تعهده من قبل، وألقى الضوء على كل ما ظل في العتمة حتى الآن ثم تذبذب ذلك النور وشحبَ وانطفأ إلى الأبد ص 486
سيكتب دوستويفسكي عن آنا كارنينا (رغم التنافس والمعاصرة بينه وبين تولستوي) آنا كارنينا شيء كامل معمل فني ولا يوجد عمل أوروبي شبيه به أو نستطيع مقارنته بعمل تولستوي.

بعد آنا كارنينا ستنقلب حياة تولستوي تماماً، سيكتب اعترافه بأن اكتشف أن الحياة لم تعد تحمل معنى، وأنه بعدها صار لا يعرف لوجوده هدفاً، تولستوي العظيم بعد أن أنجز كارنينا يتنكر لمشواره الأدبي، زواره في تلك الفترة يصفونه بالجنون، وهو يتحول خلال أعوام لكتابة قصص شعبية ذات مغازي أخلاقية ومسرحيات. ثم لتتوتر علاقته مع عائلته نفسها، ويتفكك تولستوي نفسه كقطار

كقطار عظيم وله صفير مميز يستمر لقرون.. له نفس نغمة القطار ليو تولستوي..      


إبراهيم سعيد.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق